ماذا قالت التجربة التنزانية للمنتخب؟
كتب : حسن خلف اللهالتجارب أو المباريات الودية تأتي دائما بنتائج مفيدة, مهما كان مستوي المنافس, وتجربة منتخب مصر أمام نظيره التنزاني أمس الأول بأسوان جاءت في توقيت مهم جدا قبل لقاء الجزائر يوم14 نوفمبر
الحالي علي بطاقة التأهل لمونديال جنوب إفريقيا, حيث قالت التجربة التنزانية أشياء كثيرة للجهاز الفني للمنتخب الوطني, وكشفت أمامه أوراقا سيضمها بالتأكيد الي أجندة ملاحظاته قبل المنعطف الأخير من مرحلة الإعداد الحالية. وقبل التطرق لما كشفته هذه المباراة الودية, لابد من الحديث أولا عما أراده حسن شحاتة منها ومافعله فيها في عدة نقاط نوجزها فيما يلي
(1) شاهد حسن شحاتة19 لاعبا خلال هذه المباراة وفقا لما خطط له من البداية ولم يتبق معه من العناصر الموجودة سوي وائل جمعة ومحمود أبوالسعود الحارس الثالث, أي أن الرجل استعرض أوراقه كاملة ولكن علي طريقته التي حاول من خلالها عدم الكشف عن أسراره أو طريقة لعبه في لقاء الجزائر, وفي الوقت نفسه يحصل علي مايريد, فاعتمد علي طريقة2/4/4 طوال المباراة وأجري نسق تغييراته طوال الشوطين محافظا علي نفس تنظيم اللاعبين في الملعب, فكان يستبدل مدافعا بمدافع, ولاعب وسط متأخر أو في الوسط الدفاعي ـ كما يصنفه ـ ببديله في نفس المنطقة, ونفس الحال يطبقه مع أصحاب الهوايات الهجومية.
(2) أحسن شحاتة في التعامل النفسي الذي سعي اليه بقوة دافعة لتحفيز لاعبيه, فكان حريصا علي تحية كل لاعب يسجل هدفا وينتظره علي الخط ليصافحه, وكذلك كان يصفق كثيرا للعبة المتقنة والجملة المؤداة بشكل جيد, كما أنه بعد المباراة حاول في الوقت نفسه أن تكون رسالته المحملة بالثناء الي كل منهم علي أدائه, مقترنة بإحدي الجمل التي تحثهم علي عدم الانخداع بالنتيجة والأهداف الخمسة التي سجلت, ولسان حاله يقول لهم: إن هدفي وهدفكم سيصطدم بفريق مختلف تماما, وتجربتنا اليوم للاطمئنان عليكم فقط
(3) منح شحاتة3 لاعبين الجرعة الكاملة باللعب طوال زمن المباراة التنزانية وهم أحمد المحمدي وأحمد فتحي وعمرو زكي, واستمرار المحمدي وفتحي جاء بسبب البحث عن بدائل فرضتها الظروف نظرا لإصابة حسني عبدربه وعدم وجود يقين حتي الآن بإكتمال شفائه قبل لقاء الجزائر, وهو ماجعل شحاتة يدفع بأحمد فتحي في خط الوسط بالرغم من وضعه في حسابات الاختيار كظهير أيمن, معتمدا علي أنه لاعب مرن يجيد اللعب في أكثر من مكان, فوجد فتحي نفسه بين لاعبي الوسط, وبالتالي كان تجهيز المحمدي كظهير أيمن أمرا مطلوبا في حال الحاجة الي فتحي في المكان الجديد, وقد كان متعب من المرشحين أيضا للبقاء طوال الـ90 دقيقة, ولكن تفضيل راحته نبع من أمرين أحدهما أنه مازال في طور العودة من اصابة قوية, والأمر الثاني هو منح أحمد رؤوف الفرصة ليظهر في الصورة مثل زملائه وتوفيقه في تسجيل هدف الاطمئنان كان مطلوبا.
(4) قام شحاتة بعملية تدوير للاعبي الدفاع, حيث شاهد أحمد سعيد أوكا وشريف عبدالفضيل والمعتصم سالم في ظل أن مشاركة هاني سعيد لم تكن تحمل سوي الاطمئنان عليه فقط, فكان شحاتة يريد البحث في سجلاتهم عن الأفضل بينهم, والأكثر تركيزا, فخطط ليري أوكا بجوار هاني سعيد باعتبار أن تواجدهما معا ليس بغريب عليهما أو علي الفريق, ودفع بالمعتصم سالم ليلعب بجوار شريف عبدالفضيل في الفترة الأطول لمشاركتهما, فالحكم عليهما سويا في مستوي التركيز والتفاهم سيكشف أمورا أكثر من لعب أحدهما بجوار هاني سعيد, وذلك الي جانب نظرية الاطمئنان علي عبدالواحد السيد لأن الاحتياط واجب!! إن ماسبق يوضح بإختصار ماخطط له شحاتة قبل هذه التجربة الوحيدة, ليعرف ماوصل إليه اللاعبون بعد10 أيام من التدريبات والمحاضرات بين القاهرة وأسوان, ولكن ماذا قالت التجربة التنزانية؟
أولا: كشفت المباراة عن ايجابيات كثيرة, في مقدمتها ارتفاع حالة اللاعبين نفسيا بالأهداف الخمسة, مثلما ظهر أيضا ارتفاع معدلات اللياقة البدنية عند الكثيرين منهم, فكان معدل جري أحمد فتحي وبركات وأحمد حسن مختلفا تماما عما ظهر عليه الثلاثة في الفترة الماضية, فعاد بركات الغائب منذ مباراة رواندا, وكان لثبات أحمد فتحي وطريقته شكل مختلف, وازداد مجهود أحمد حسن بشكل ملحوظ, ولن يختلف أحد علي ماقدمه سيد معوض الذي عاد لانطلاقته السريعة المحملة بالجمل ذات النهايات الجيدة, وإن كان المحمدي مازال يحتاج بعض التركيز الفني في توصيل الكرة, إلا أن مستواه البدني وتحركاته ناحية اليمين اختلفت تماما. ثانيا: السلبيات التي ظهرت غير مقلقة, ويمكن علاجها ببعض التوجيهات والتدريبات المنتظرة خلال الأسبوع الحالي, فمازال محمد حمص غير منسجم مع لاعبي الوسط, ويلجأ للوقوف كثيرا داخل الملعب مكتفيا بالدور الدفاعي دون المشاركة في بناء الهجمات علي عكس أحمد فتحي المتواجد في الحالتين, وفي الدفاع مازالت هناك هفوات تحتاج الي اعادة تقييم وإرشاد للبعض, ولكن قد يلتمس البعض العذر في هذه النقطة باعتبار أنها تجربة ينقصها شيء ما وهو اكتمال الصفوف بالمحترفين, ولكن الأمر الذي لن تفيد فيه الاعذار هو الانضباط الانفعالي خاصة لعمرو زكي وأحمد عيد عبدالملك, فاللقطات التي حملت حماسا زائدا أمام لاعبي تنزانيا لن تكون مفيدة امام لاعبي الجزائر, وأمر بديهي ألا يشتبك اللاعب بضراوة من أجل الامساك بكرة محتسبة لصالحه ويدفعه الموقف الي الشجار للحصول عليها دون داع لذلك, فالهدوء مطلوب ولن يؤثر التأخر للحظات بقدر ما قد يأتي الاشتباك بأمور أكثر تعطيلا.. أليس كذلك؟
6/11/2009