شكري بن عيسى باحث في القانون الرياضي: "الكناس" قضت بما يتجاوز صلاحياتها في ملف اللقام … وانتقال البشطبجي الى الترجي باطل...

هو رجل قانون اختار التعمق في المجال الرياضي وله عدة إسهامات وكتابات في هذا الصدد، كان لنا معه الحوار التالي للحديث عن واقع التشريعات الرياضية ببلادنا خاصة بعد "الزوبعة الأخيرة" التي أحدثها الحكم مكرم اللقام ولجوئه إلى هيئة التحكيم الرياضي لدى إبعاده من القائمة الدولية لحكام كرة القدم واختيار رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم علي الحفصي مبدأ "الديبلوماسية" في حل ملفي اللاعبين الأمجد الشهودي ومحمد الباشطبجي إضافة إلى الحراك القانوني الذي تشهده قلعة النادي الإفريقي بسبب ما اصطلح على تسميته بأزمة الرئاسة وصولا إلى غول العنف الذي اجتاح ملاعبنا التونسية.

• بالنظر إلى واقع الحقل الرياضي وتشريعاته كيف يمكننا تشخيص هذا الواقع ؟

الرياضة التونسية بمختلف مكوناتها أي اللجان البلدية والجمعيات والجامعات واللجنة الأولمبية تعيش في الوقت الراهن أحلك فتراتها وهي تتخبط في أزمة طالت أربعة محاور، لنبدأ بمسألة الشرعية والنصوص القانونية التي تنظم الحياة الرياضية بشكل فعال ومتطور هل لنا فعلا هذه النصوص؟ الإجابة ستكون حتما بالنفي. ثم هل تطبيق هذه القوانين بشكل يحفظ لكل ذي حق حقه وهنا أستشهد بأمر مهم جدّا الاتحاد الأوروبي لم يقبل الاستثمار ببلادنا إلا متى تيقن أن المؤسسات القضائية في تونس ضامنة لمبدأ تطبيق القانون وأن الجميع سواسية أمامه فأقبلت المؤسسات على الاستثمار بتونس.المشهد الرياضي في تونس يعاني تداخلا كبيرا ورهيبا في الأدوار وهو ما أثر في استراتيجيات الجمعيات والجامعات على حد السواء.

• يستشهد عديد المعلقين والمحللين بكلمة استرتيجية الفريق فما هو التعريف العلمي والقانوني لهذه الكلمة؟

إن أي فريق لا يمكنه تحقيق أهدافه على المدى القريب أو البعيد إن لم تكن له استراتيجيات تتمثل في الاستثمار والتمويل والتصرف اليومي. والفريق الذي لا يحسن تحصيل موارده المالية من بيع التذاكر والاشتراكات وعائدات البث التلفزي والاستشهار لا يمكنه حسن توظيف هذه الأموال من أجل أن يراهن على الألقاب وينتدب اللاعبين والإطارات الفنية. في تونس أغلب الفرق تفكيرها منصب على التصرف اليومي والآني ولا تحسن رسم استرتيجيات على المدى القريب أو البعيد والوحيد الذي أحسن التصرف في تعبئة واستثمار موارده المالية هو المنجي بحر رئيس نادي حمام الأنف. وحتى لا يبقى كلامي مجرد تنظير هل من المعقول أن يقع تكليف أناس بملف التسويق والاستشهار وهم أبعد ما يكونون عن هذا المجال؟ هل من المعقول تكليف عضو جامعي بالاتصال وهو ليس الناطق الرسمي؟ وقس على ذلك عديد الأمور الأخرى.

• لقد وجد المكتب الجامعي في بداية هذا الموسم ملفين شائكين هما ملف اللاعب الأمجد الشهودي ومحمد الباشطبجي، وقد قرر مكتب الرابطة في مرحلة أولى إحالة الملفين للمكتب الجامعي قبل أن يتدخل رئيس الجامعة ويحسم هذا الملف بالطرق "لديبلوماسية". ؟

لنكن صرحاء ما يحسب لعلي الحفصي أنه تدخل بطريقة صلحية ونجح في حسم هذين الملفين خصوصا وأنه كرئيس جامعة من أوكد واجباته الحفاظ على العلاقات الطيبة بين الجمعيات، لكن على "علي الحفصي" أن يعي جيدا أن منصبه لا يعني أنه مطالب بأن يكون "حزازا" وأن له مهاما أخرى تحتل أولوية وسيحاسب عليها بانتهاء مدته النيابية. من وجهة نظر قانونية صرفة كان على الجامعة معاقبة الأمجد الشهودي بحرمانه من اللعب لمدة 4 أشهر بعد أن قرر فك الارتباط من طرف واحد وهو ما ينطبق أيضا على من تولى تحريضه وهم وكيل أعماله ومسؤولو النجم الساحلي مع دفع الغرامات لفائدة النادي البنزرتي لجبر الأضرار الحاصلة لأن عقد الشهودي لم يكن به بند تسريحي كما يتصور الكثيرون بل شرط انتقال. بالنسبة إلى محمد الباشطبجي فإن انتقاله للترجي باطل قانونا باطل لأن النادي الإفريقي نزل عند رغبته وفسخ عقده مشترطا عدم تقمص هذا اللاعب لزي أي ناد منافس والعقد هو شريعة المتعاقدين.

• المكتب الجامعي تعرض إلى "هزة عنيفة" بعد أن قرر الحكم الدولي الأسبق مكرم اللقام اللجوء إلى هيئة التحكيم الرياضي التي نقضت القرار القاضي بإبعاد اللقام من القائمة الدولية، والمعلوم أن عدم الامتثال لقرارات "الكناس" يمكن أن يعرض المكتب الجامعي لفقدان الصفة.؟

أجل ،حسب الفصل 56 من القانون الأساسي للجامعة التونسية لكرة القدم فإن كل الجامعات الرياضية مدعوة للامتثال لقرارات "الكناس"، لكن هيئة "الكناس" أصدرت قرارا يتجاوز صلاحياتها كمحكمة رياضية وبالتالي أصبح بالإمكان الطعن في هذا القرار وذلك حسب الفصل 42 من مجلة التحكيم. من ناحية أخرى لاينصّ القانون الداخلي للجامعة التونسية لكرة القدم لا ينص على شيء اسمه هيئة التحكيم الرياضي، لأن تحوير القانون الداخلي يتم في جلسة عامة خارقة للعادة وبتوفر النصاب القانوني لكن ذلك لم يحدث. وهو ما يؤكد الخور الكبير الذي تعيشه الرياضة التونسية.

• بالمقابل المكتب الجامعي كسب "قضية" اللاعب يوهان بن علوان وهو ما لمع صورته في الشارع الرياضي؟.

القانون في هذا الصدد واضح وضوح الشمس اللاعب الذي يمتنع عن الاستجابة لدعوة منتخبه بعد بلوغه الاستدعاء الرسمي يعاقب ولا يمكنه الرفض إلا قبل توجيه الدعوة له رسميا وذلك من حقه، تذكورا جيدا امتناع اللاعب فهيد بن خلف عن المشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا الماضية بأنغولا لو أراد المكتب الجامعي الأسبق تطبيق القانون لعوقب هذا اللاعب لكن سامح الله من كان سببا في تقديم استشارة مغلوطة.

• نأتي الآن لملف العنف في الملاعب الذي تأكد أن عقوبة الويكلو والخطايا المالية لا تفي بالحاجة للقضاء عليه فما هي الحلول الناجعة للقضاء على هذا الغول؟

كنت قد تقدمت بمسودة عمل للقضاء على العنف في أربعة محاور أولها تشديد العقوبات على المحترفين والجماهير مثال الحدث أو الطالب الذي يرتكب أعمال عنف يعاقب بخطية مالية ب10 آلاف دينار مؤجلة الدفع فهل يمكن تصور أن هذا الشخص مازال يملك الجرأة للإقدام على ارتكاب "حماقات" أخرى ؟ بل إن نفس هذا الشخص سيدعو أقرانه إلى الرصانة في الملعب. ثانيا لا بد من تكريس الديمقراطية في تطبيق القانون والابتعاد عن سياسة المكيالين لأن ذلك من أهم أسباب العنف. ثالثا تكريس التواصل عبر خلق علاقات طيبة بين مختلف الجمعيات وإحكام تنظيم التظاهرات الرياضية. بالنسبة إلى قرارات مكتب الرابطة لا تعدو ان تكون مجرد ذر للرماد على العيون.

• يعيش النادي الإفريقي أزمة تسييرية ومالية خانقة ودخول هيئة الحكماء على الخط وتسلم البلطي رئاسة بالنيابة مما أثر سلبا في مردود ونتائج الفريق؟

الأزمة التي عاشها النادي الإفريقي ومن قبله النادي الصفاقسي في الصائفة الماضية هي نتاج لغياب الديمقراطية وعدم تمكن المحب من إيصال صوته والنتيجة انه عندما تم ترشيح رشاد الكراي لخلافة المنصف السلامي نشطت الارساليات والدعوات على الفايس بوك مما أثنى الكراي عن الترشح. النادي الإفريقي جيىء له برئيس منصب في مرة أولى (جمال العتروس) ثم ثانية الشريف بالأمين في تحد لرغبة الجماهير وتلك هي النتيجة الطبيعية لغياب صندوق الاقتراع في الجلسات العامة الانتخابية. في مصر عدد المراقبين لسير انتخابات النادي الأهلي يقارب 60 مراقبا أما في تونس فالأمر يتم وفق التزكية. نحن الآن بحاجة إلى إعادة هيكلة تركيبة الهيئات المديرة بما يحترم القانون. فلا وجود في القانون لشيء اسمه "لجنة الحكماء" و"الأب الروحي" فكلها مسميات ما أنزل الله بها من سلطان. ومن واجبات الصحفي "فضح" هذه التسميات الهجينة.

• إذن ما هو موقع كبار المدعمين ولجان الحكماء في الفرق التونسية؟

يجب إعادة هيكلة تركيبة الأندية التونسية من خلال تبني مجلس إدارة يتيح لكبار المدعمين والحكماء وما شابههم الشرعية القانونية، لأن الدعم الذي تتلقاه الفرق يجب أن يوصف كميا ونوعيا فما معنى ان يقع التنصيص في التقرير المالي للفرق

• كلمة الختام ؟

في ظل هذا التداخل في المهام والصلاحيات أعتقد ان المهمة الملقاة على عاتق الإعلام جسيمة جدا لإصلاح ما يجب إصلاحه. وأريد التأكيد أن القانون الرياضي في تونس يبقى بحرا عميقا لا مكان فيه للاستسهال كما قال ذلك العضو الجامعي ذات مرة إنّه قادر على حسم أي ملف وهو مستلق...أوبصدد شرب فنجان قهوة.