زملاؤه اعتقلوه وأهانوه.. والجيش عامله باحترام وحماه واعتبره أمانة في عنقهبعد البلاغ الذي اصدره رئيس نقابة قوات الأمن الداخلي المتنازع حول شرعيته مؤخرا ودعا فيه الى تطهير وزارة الداخلية من العناصر الفاسدة تفجرت قضية محافظ الشرطة الأعلى سمير الفرياني لتعيدنا الى مربع التساؤل حول حقيقة ما يجري من تجاذبات داخل هذه الوزارة الهامة التي تشهد مخاض تحول عسير بعد 14 جانفي، لعل أبرز محطاته هي بعث نقابة قوات الامن الداخلي التي جاء تأسيسها بما توفره من ضمانات لحماية رجل الامن والمواطن على حد سواء من الممارسات غير القانونية كثمرة من ثمرات الثورة المباركة.
السيدة ليلى الفرياني زوجة محافظ الشرطة الأعلى سمير الفرياني حضرت امس الى مقر جريدتنا «الصحافة» لتعرض على الرأي العام من خلالنا محنة زوجها الذي سعى حسب ذكرها للدفاع عن مصلحة تونس وثورتها فوجد نفسه موقوفا ومتهما باختلال مداركه العقلية!؟.
«صباح الاحد» تقول ليلى الفرياني «غادر زوجي منزلنا في حدود الساعة التاسعة صباحا لقضاء شأن خاص لا يتطلب اكثر من 15 دقيقة لكنه لم يعد الى حدود منتصف النهار ولم يأخذ بالتالي أبناءه الى حصتهم الرياضية مثلما كان متعودا وكان هاتفه مغلقا طول الوقت.»
الزوجة التي كانت يومها في مدينة منزل بورقيبة لتهنئة والدتها بعيد الام اضطرت للعودة على عجل الى بيتها في العاصمة في حدود الساعة الثالثة من بعد الزوال ولما لم تظفر بأي جواب على استفساراتها حول الاختفاء الغريب لزوجها، تحولت الى مقر وزارة الداخلية في حدود الساعة الخامسة للسؤال عنه هناك في ادارته.
بعض زملاء زوجها اعلموها بأنه تناهى الى مسامعهم خبر اعتقاله لكنهم لا يملكون تأكيدا لذلك!! احد العاملين في الوزارة طلب منها ومن والدة زوجها التي كانت ترافقها التوجه الى مركز الامن العمومي بنهج يوغوسلافيا القريب وهناك ابدى رئيس المركز اندهاشه اذ من غير المعقول ان يكون اطار سام يفوقه رتبة موقوفا لديه?!؟
وبعد ان تجاوزت الساعة الثامنة مساء اضطرت المرأتان للعودة من حيث جاءتا وقد تعمقت لديهما المخاوف والوساوس حول مصير الابن والزوج المفقود.
في حدود الساعة السابعة والربع من صباح الغد تلقت الزوجة اتصالا هاتفيا من الثكنة العسكرية بالعوينة ليعلمها ضابط برتبة عقيد ان زوجها موجود لديهم وبعد ان طمأنها على صحته دعاها الى زيارته ان شاءت ذلك.
وبعد أقل من ساعتين وصلت ليلى الفرياني الى ثكنة العوينة لتجد الضابط الذي اتصل بها هاتفيا في استقبالها، «لقد استقبلني العقيد بكل حفاوة.. رغم كل قلقي وهواجسي أحسست اني لم أقابل مجرد مسؤول» تقول زوجة سمير الفرياني قبل ان تضيف: «أعلموني بأنهم لا يعرفون سبب ايقاف زوجي لكنه موجود لديهم لحمايته وهو امانة في اعناقهم دعتهم القيادة للحفاظ عليه ثم اخذوني لمقابلته في قاعة استقبال حيث وجدته في حالة حسنة ومعنوياته مرتفعة وهو شديد التفاؤل وما حز في نفسه هو طريقة ايقافه ومعاملته المهينة من قبل زملاء له في المهنة اقل رتبة منه».
إذا عرف السبب!!خلال هذه المقابلة علمت ليلى الفرياني ان زوجها تم قبل ايداعه في ثكنة العوينة ايقافه بصورة غير قانونية على خلفية مقالين نشرهما بإحدى الصحف اليومية الاول تحت عنوان: «من ضابط حرّ بوزارة الداخلية لن اخذلك يا شعب.. ولماذا التباطؤ في التحقيق في عملية اتلاف بعض خزائن الادارة العامة للمصالح الفنية؟» والثاني حول عودة عمليات حجب للانترنات بتوجيه من مسؤول امني كبير تحت عنوان: «.... عمار 404 يعود دون موجب قانوني». في حين تم منع مقال ثالث له .
وأوضح محافظ الشرطة الاعلى سمير الفرياني انه لم يلجأ للجريدة لنشر مقالاته التي جاءت في شكل رسائل مفتوحة للشعب التونسي الا بعد ان توجه اكثر من مرة بعرائض الى رؤسائه حسب التسلسل الاداري لتنبيههم الى خطورة ما يحصل وطلب تدخلهم لكن لم يجد منهم جوابا شافيا.
والبلاغ الاخير الذي اصدرته وزارة الداخلية حول ما اعتبرته استهدافا لها مرتبطا بشكل أساسي بهذا الموضوع.
الزوجة اكدت انها تلقت اتصالا هاتفيا من الشرطة العسكرية لاعلامها بأن زوجها سيمثل امام حاكم التحقيق لدى المحكمة العسكرية صباح اليوم الخميس ودعتها لانابة محام لحضور التحقيق معه علما بأن المحكمة العسكرية مختصة قانونيا في النظر في القضايا الذي يكون احد أطرافها من منتسبي قوات الامن الداخلي.
السيدة ليلى الفرياني أكدت وقوفها الكامل الى جانب زوجها واستعدادها لتقديم التضحيات اللازمة مع ما تشعر به من مراقبة واستهداف هي وعائلتها.«فهم يريدون ضربه لجعله عبرة لغيره ولترهيب كل نفس شريفة تسعى للاصلاح المهم ان نقابة قوات الامن الداخلي اكدت لي وقوفها الى جانبه ووجدت منها كل التفهم» حسب ذكرها.
وتجدر الاشارة الى ان ما جاء في البلاغ الاخير الصادر عن وزارة الداخلية من تهديد مبطن للصحفيين لقي استهجان اهل المهنة الذين عابوا تواصل العمل عند البعض بمنطق يفترض ان الثورة اسقطته