ياسين العياري بعد ترشحه كمستقل

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


ياسين العياري بعد ترشحه كمستقل



رفضت ثلاثة مناصب في حكومتي الغنوشي وقائد السبسي






أجرت الحوار منية العرفاوي - الشباب
الذي صنع ربيع الثورات العربية نجده اليوم في مصر كما في تونس يقدم بكل
شجاعة وجسارة على اقتحام المشهد السياسي ليدافع بضراوة على أفكاره
وأطروحاته وعلى قدرته على التغيير الذي من منظوره لا بد أن يكون شاملا وفي
مستوى ثورته وتضحياته..





ياسين العياري المترشح كمستقل لانتخابات التأسيسي من بين هؤلاء الشباب وقد التقته «الأسبوعي» في الحوار التالي:

٭
ترشحك لانتخابات التأسيسي كمستقل، هل هو قرار ينمّ عن طموح سياسي «دفين»
أم ممارسة لحق أصبحت تراه مشروعا بعد مشاركتك الايجابية في الثورة وأنت من
شبابها الذي أطاح بالدكتاتورية؟

-
أولا أنا لست متطفّلا على الحياة السياسية فقد ترشحت في قائمة مستقلة ضد
التجمع في انتخابات 2009 وهو ما مثّل تحديا كبيرا للنظام آنذاك... وعموما
أنا أؤمن بأن ما حدث من مساوئ ليس لأن النظام فقط هو السيء بل أن سلبية
المواطن وخنوعه هما اللذان جعلا النظام يتغوّل ويستبدّ... والأزمة الحقيقية
هو أن جيلا واحدا صادر حق أجيال وفشل فشلا ذريعا في إدارة البلاد وهي
اليوم تصادر حق جيل الثورة وتكرّر نفس الأخطاء...

وعموما
أنا لم اهتم بالسياسة منذ الثورة أو عندما استشهد والدي بل أنا اهتم
بالشأن العام وبالشأن السياسي منذ كان النظام البائد لا يزال في عنفوانه
بكل آلياته القمعية.

٭ باسم الحنكة السياسية نجد اليوم في واجهة الشأن السياسي التونسي جيلا «سبعيني» وليس جيل الثورة الذي أطاح بالدكتاتور، لماذا؟

-
أنا قبل أن أكون ناشطا سياسيا أنا مهندس أؤمن بالنتائج وهذا الجيل الذي
يقال أنه محنّك حكم البلاد لأكثر من نصف قرن ونتساءل بماذا أفادتنا الحنكة
السياسية إبان الدكتاتورية البورقيبية أو دكتاتورية بن علي.. والأكثر من
ذلك أن الوجوه السياسية التي تقود البلاد كانت من ركائز ورموز الدكتاتورية
وحتى ما يسمى برموز المعارضة كانت تدعم بمواقفها بن علي بل والأدهى كان
وجودها يتبع ديكور الحياة السياسية التي سطّرها المخلوع وبالتالي ها نحن
نعيش اليوم النتائج السلبية لهذه الحنكة السياسية.. فلو أعطينا الفرصة
للشباب بعيدا عن ترهات الساسة والسياسة فسنرى كيف يتغيّر وجه البلاد نهائيا
وللأحسن بالتأكيد..

فهذا
الجيل «المحنّك» صادر حق أجيال وهو بعيد عن تطلعات وأحلام هذا الجيل
فاليوم «أوصياء» المشهد السياسي أعمارهم فوق السبعين وكنا ننتظر منهم كتابة
تجربتهم بأخطائها في كتب نطّلع عليها ونستفيد منها.. فعصارة التجربة تكون
نبراسا نستعين به للنجاح مستقبلا وليس لحكم البلاد وقيادة الشباب وتكرار
نفس الأخطاء..

٭ هل تشعر بأن هناك فجوة بين أفكار الحكومة ومشاريعها وبين انتظارات الشباب؟

-
ليس الحكومة فقط هي الوحيدة العاجزة عن التواصل بفاعلية مع الشباب فكل
الرموز السياسية والوجوه المعروفة فهي مازالت تتمسّك بالمكتسبات البائدة
للعلاقة الهرمية التي كرّست في تونس منذ الاستقلال وملخصها: «أنا ربّكم
الأعلى وأنتم عبادي الضالون».. فهم مازالوا يعيشون العصور الوسطى
للديمقراطية.. فهم لا يملكون الشجاعة الكافية للقول بأنهم أخطاؤوا ليسلّموا
المشعل.. وليتذكّروا أن من نزل إلى الشارع واحتج وتمرّد هم الشباب..
فالمعارضة لا تكون فقط بمواقف من خلف المكاتب أو بإضراب جوع بل هي عمل
ميداني أيضا فيجب أن تكون لنا الشجاعة الكافية لمواجهة ماضينا والاعتراف
بالأخطاء والثغرات لنبني مستقبلنا والابتعاد على ما أسميه «الغمّة
السياسية».

٭
هل ترى أن الثورة مازالت محافظة على مسارها الصحيح الذي من أجله سقط
الشهداء والجرحى وأنت من بين الشباب الذي ساهم بفاعلية في الثورة خاصة على
الأنترنات؟

-
أريد أن أصحّح معلومة متداولة وهي أني لم أدعم الثورة فقط عند اندلاعها
فأنا منذ 2010 كنت معنيا مباشرة بالشأن السياسي وكانت لي مواقف تشجب الجور
والاستبداد ناهيك أنه في السنة المذكورة دعوت إلى مظاهرة عبر الأنترنات
للتنديد بحجب المواقع الإلكترونية
ولأول مرة ينزل إلى الشارع مواطنون عاديون يحتجون ضد النظام وهو ما أحرجه
خاصة بعد أن وصل الأمر إلى الصحافة العالمية وجراء ذلك تم توقيفي والتحقيق
معي لأكثر من 14 ساعة فأنا استعملت الانترنات كوسيلة لأعبّر عن كوني مواطنا
غير مسيّس وغير متحزّب ورغم ذلك فأنا احتج على الممارسات الاستبدادية
لنظام بن علي..

وبالنسبة
لمسار الثورة فأعتقد أنه حرّف وانحرف عن مساره منذ أن قبلت بعض الأحزاب
الانخراط في مسرحية حكومة الغنوشي وبالتالي خانت أهداف الثورة وباعت الحراك
الشعبي بحقائب وزارية!! كما أن نقطة التحوّل الثانية كانت القبة 1 والتي
كانت أول انفصال حقيقي وأول شرخ في الصف الشعبي وبالتالي أول فتنة ثورية
حقيقية.. فمنذ ذلك التاريخ أصبحنا نتحدث بمنطق نحن وهم.

٭
أن تترشح كمستقل أمام أحزاب «متغوّلة» ماديا وجماهيريا وبدون امكانيات ولا
مرجعيات ايديولوجية أليس هذا تحديا في ذاته وهل أنت قادر على كسب هذا
التحدي؟

-
هذه الثورة التي فشلت في أشياء كثيرة وقد تنجح في أشياء أخرى وإذا كان هذا
الشباب الصادق والمستقل والذي واجه الدكتاتورية بكل شجاعة وثار ضد الجور
والطغيان ويستعمل ضده الرصاص الحي ويسقط منه شباب شهداء ولا يجد له مكانا
أو فرصة في المجلس التأسيسي فسيكون ذلك إعلانا صريحا على أن الثورة فشلت بل
وأكثر من ذلك كانت هذه الثورة مجرّد «مزحة» لأنها لم تقطع حقيقة مع نظام
وأنا يؤلمني أن تكون الأحزاب المتشدّقة بأنها تدافع عن حضور الشباب تذيّل
بهم قائماتها. علما وأنه عرض عليّ ثلاثة مناصب حكومية وهذه -سأقولها لأول
مرة- ففي فيفري الفارط اتصل بي عضو من الحكومة وسألني إن كنت مهتما بتولي
منصب حكومي وذلك في إطار خطة الحكومة لتدعيم الشباب لكن مع وجود 6 وزراء
تجمعيين رفضت المنصب كما أنه عندما تقرّر توسيع الهيئة العليا لحماية أهداف
الثورة عرضوا عليّ الالتحاق بها لكن اشترطت عددا معيّنا من الشباب في
الهيئة وهو ما لم يتوفر وبالتالي رفضت.. ومنذ مدة قصيرة وبعد أن اشتغلت على
مشروع «كلمتهم» وهو مشروع متكامل هناك من اتصل بي وعرض عليّ خطة كاتب دولة
مكلف بمصلحة لدى الوزير الأول يهتم بملف الشهداء ولكن طالبت بضرورة أن
أعطى جميع الآليات لتحقيق نتائج في هذا الملف ومن ذلك اقتراح مراسم النظر
في التعويضات التي ستصرف للشهداء

٭ هل هناك اغراءات حزبية؟

-
عرض عليّ أن أكون رئيس قائمة لكني أرفض التحزّب وأريد أن أترشح كمستقل
فالأحزاب في أغلبها خانت المطالب الشعبية واهتمت بمشاكل ثانوية لكن هذا لا
يعني أني لا أقبل مبدأ الأحزاب في المطلق والتي من الممكن أن تكون لي مع
بعض هذه الأحزاب برتوكولات عمل مشترك إذا تقاربنا في البرامج والأفكار
ولكني أرفض قطعيا التحالف مع أي طرف حزبي كما أن هناك من وعد بتمكيني من
150 ألف دينار شرط أن يكون هناك تحالف بيننا بعد انتخابات التأسيسي.

٭ إلى جانب الطفرة الحزبية أصبح لدينا طفرة مالية وأموال طائلة تصرف على الحملة الانتخابية دون أن ندري مصدرها.. ماهو تعليقك؟

-
بالنسبة لهذه الأموال المشبوهة فإنها كانت بتقصير من الحكومة.. فكان يجب
أن لا تكون محايدة وتضرب على يد كل من يصرف المال بدون أن تكون مصادر هذا
المال معروفة فمن أبجديات التعامل الديمقراطي هو تساوي الفرص.. لكن هناك في
الحكومة من له تاريخ أظلم وأصبح عرضة للابتزاز السياسي من هذه الأحزاب
المتغوّلة ماليا فمن يدفع 400 مليار للوصول إلى انتخابات التأسيسي لا شك له
حسابات ونوايا يضمرها وسيفصح عليه في الوقت المناسب.