لميس مشرفة
نقاط التميّز : 8300
الأوسمة : المكافأة و الإمتيازات : 34 نقاط : 1744 تاريخ التسجيل : 03/04/2009 الهواية :
| موضوع: الإنقلاب على الحكومة الشرعية تم التخطيط له بليل . الثلاثاء 20 مارس - 0:47 | |
|
الإنقلاب على الحكومة الشرعية تم التخطيط له بليل ... كمال مرجان رئيسا للحكومة والباجي رئيسا للجمهورية.
أولائك الّذين لا يحبّذون نظريّة المؤامرة لن يستسيغوا تفاصيل ما دبر بليل من أجل إسقاط هذه الحكومة ربما لأن التّونسيين عموما حديثوا عهد بمثل هذه التّجاذبات في ساحتهم السياسية أو ربما لأن حديث المؤامرات أصبح أكثر من أي شيئ أخر خطابا إعلاميا يسوّق للناس بهدف إلهائهم عن مايجب أن يشغلهم فعلا من أمهات القضايا,غير أن ما دبّر لإفشال الحكومة الحالية و تعجيزها حتى يسهل في مرحلة متفدمة إسقاطها يتجاوز مجرّد تخمينات أو تهيئات و هو كذلك يتجاوز ما قام به الإعلام من استخفاف و تمييع لهذا الموضوع في كل مرة يتم فيها تناوله و كأن الموضوع ليس إلا من اختلاق الحكومة نفسها لتبرير ماتمر به حاليا من صعوبات. تعود الحكاية إلى فترة الباجي قايد السّبسي على رأس الحكومة حيث حاول هذا الأخير و خاصّة في الأيام الأخيرة له على رأس الحكومة زرع رجاله و موظّفيه ممن يدينون له بالولاء أو من الموالين للمقربين منه في مختلف أجهزة و هياكل الدّولة الأكثر حساسيّة و قد شملت هذه التّعيينات و التّرقيات وزارات السّيادة و خاصة المصالح الأمنية و رئاسة الجمهورية و الشّؤون الخارجية ,هذا فضلا عن القوانين الّتي مررها السّبسي و أعوانه في غفلة من التّونسيين أبرزها المنشور عدد 106 الّذي تم توقيعه يوم 22 أكتوبر 2011 يوما فقط قبل إجراء إنتخابات المجلس الوطني التّأسيسي و القاضي بإسقاط جرائم التّعذيب الّتي إرتكبت منذ ما يزيد على خمسة عشر عاما و كذلك إتفاقات الزّيادة في الأجور المبرمة مع اتحاد الشّغل و التي لن تدخل حيز التّنفيذ إلا أشهرا قليلة بعد تسلم الحكومة الجديدة المنبثقة عن المجلس المنتخب لمهامها , طبعا لا يجب أن ننسى زيارة الباجي قايد السّبسي للولايات المتحدة الأمريكية الّتي كان الهدف من ورائها التّسويق لنفسه سياسيا لدى القوى الغربيّة عملا بمبدأ أن الشّرعيّة الدّاخلية تستمد أساسا من الإعتراف الخارجي للقوى الكبرى و لتحيين علاقاته في المجتمع الدّولي و الّتي أصابها الرّكود طوال عزلته في السّنوات الأخيرة , لكن عجوز السّياسة التّونسية فاته أن جبهة الرّفض الدّاخلي له أصبحت واسعة جدّا رغم مجاملات بعض السياسيين من أحزاب التّرويكا له كلما سئلوا عنه في المنابر الإعلامية و أن تواصل وجوده على رأس الدّولة يتناقض أصلا مع مبدأ القطع مع الماضي الّذي تحدث عنه الحزبان الّذان هما الآن على رأس الترويكا الحاكمة. إلى جانب الألغام الإقتصاديّة النّقابيّة الأمنيّة و السّياسيّة لم يفت الباجي قايد السّبسي ترك بعض الألغام الإعلاميّة من قبيل ذلك التّصريح الّذي خض به وسائل الإعلام و الّذي جاء فيه “أن الحكومة السّابقة قامت بتصبير و تسكين الشّباب العاطل عن العمل لمدة سنة تقريبا و أن هذه الحكومة المقبلة عليها أن تجد لهم حلولا عمليّة و بأقصى سرعة ” في نيّة واضحة لتوريط الحكومة حتى قبل تسلمها و مباشرتها لأية مهام كان هذا إذا الجزء الأول من الخطة المعدّة بإحكام و هو ليس إلا تمهيدا لجزء ثان أكثر خطورة و تطورا من الأول الرّامي إلى إسقاط حكومة الترويكا التي تبدو متماسكة إلى حد ما رغم ما تواجهه من صعوبات و عراقيل وحيث أن إسقاط الأطراف المكونة لها إنتخابيا يبدو أمرا شبه مستحيل خاصة بعد عدّة تقارير لجمعيات و منظمات تفيد أن شعبية الأطراف السياسية الثلاثة مستقرة و أن نتيجة أي انتخابات في الأفق لن تختلف كثيرا عن الّتي سبقتها خاصة إذا أخذنا في الحسبان أن القانون الإنتخابي في المرّة القادمة سيكون مغايرا الأمر الّذي يهدد بمسح قوى سياسيّة معيّنة بالكامل من التّمثيل البرلماني فإن الجزء الثّاني من الخطّة دخل حيز التّنفيذ. يبدأ الجزء الثّاني إذا من بيان الباجي قايد السّبسي الأخير بتاريخ 26 جانفي 2011 و الّذي أكد فيه على ما اسماه ” ضرورة إيجاد بديل يعزز التّوازن السياسي ” دون أدنى تحديد لطبيعة هذا البديل و لا لماهيّة هذا التوازن المنشود , طبعا وسائل الإعلام التّونسية من تلفزات و إذاعات نفخت في البيان و ضخّمته و كأنه الخلاص القادم من السّماء كما نفخت أيضا في مشهد فشل حكومة لم تتجاوز التّسعين يوما منذ إستلامها لمقاليد الحكم , و بالتوازي مع هذا البيان بدأ اتحاد الشّغل في سلسلة إضرابات بلغت ذروتها بإضراب أعوان البلديات و ماتبع ذلك من تراشق بالإتهامات بين المنظمة الشّغيلة من ناحية و حكومة الترويكا من ناحية أخرى و في الأثناء و ” هذا الأهم” قامت شخصيات “وطنية” بالإتصال بعدة سفارات دول أجنبية و قدم هؤلاء تصورات لهذه السّفارات حول المرحلة القادمة و حول أداء الحكومة جاء في مجملها أن هذه الحكومة ساقطة لا محالة و أنه لا ضرورة لأن تتورط هذه الدّول في قروض أو إلتزامات معها و الغريب في كل هذا الأمر ليس في لقاء هؤلاء بأطراف أجنبية بل في عدم علم الحكومة بهذا الأمر رغما أن تقارير أمنية عديدة رفعت لوزارة الدّاخلية في هذا الشّأن , هنا يظهر دور شخصية بارزة تعتبر من مؤسسي حركة النّهضة و كانت من المرشّحين لمنصب وزاري في الحكومة الحالية و هذه الشّخصية الّتي لها علاقات وثيقة بعدة سفارات و تحضى باحترام كبير على السّاحة الوطنية هي من سرب خبر هذه اللقاءات إلى الحكومة و الّتي طلبت بدورها إجراء لقاءات مع ممثلي السفارات المعنية للإستفسار عن ما طلبته منها هذه “الشّخصيات الوطنية” و لتطمينها حول مدى تماسك و قدرة الحكومة على إدارة الأمور بشكل سليم. لكن السّؤال المطروح هو لماذا لم تصل أصداء هذه الّلقاءات إلى الحكومة إلا عبر هذه الشّخصية و ليس من أجهزة إستعلاماتها كما هو معمول به في العديد من الدّول , هذا السّؤال أجابت عنه إقالة علي العريض لمدير إدارة المصالح المختصّة ,حيث أن هذا الأخير عطّل وصول مجموعة من التّقارير الأمنيّة في هذا الشّأن إلى مدير الامن الوطني و بالتالي عن وزير الدّاخلية و هو ما يفسّر غياب أدنى معلومة حول ما يجري و ما يخطط له ضد الحكومة , و إثر تعويض هذا المسؤول بمدير جديد لإدارة المصالح المختصة إنكشف حجم المخطط الّذي لا يقف فقط عند الّلقاءات مع السّفارات بل يتجاوزه إلى مراحل أخرى أهمها برمجة سلسلة من الإضرابات في قطاعات حساسة لشل الإقتصاد و كذلك تعطيل لإدارات بعينها في الدّولة مما يسبب توقّفا لصرف مرتبات العاملين بالقطاع العام و الّذي سيولّد حالة من الإحتقان و الفوضى و السّخط على الحكومة فضلا عن شلل الإقتصاد الوطني , على القائمة أيضا حملة إعتقالات كبيرة و عنيفة من حيث الأسلوب في صفوف التيار السلفي بشقّيه و ذلك لدفع هؤلاء للرد بعنف يزيد تعقيد الأوضاع و كذلك اغتيالات لشخصيات سياسية بارزة مع سلسلة من التفجيرات تستهدف نزلا و حانات و مواخير بالمناطق السياحية و بالعاصمة بالإضافة إلى تجنيد محموعات من المرتزقة إلى الإشتباك المسلّح مع الجيش التونسي في عدّة مواقع و قد تم ضبط كميات من الذّخير ة و السلاح في هذا الشّأن. هذه العمليّة ترمي نهاية إلى خلق حالة من الفراغ و الفوضى و الإنفلات الأمني تتعالى بعدها الأصوات للمطالبة بحكومة إنقاذ وطني مع حملة إعلامية لإظهار الحكومة ضعيفة و مهتزة في مواجهة هذه الأحداث و لا يجد الجيش من خيار للسيطرة على الأمور سوى رفع حالة الطّوارئ إلى المستوى الثالث و تعطيل جميع المؤسسات السياسية بالبلاد و الدّفع باتجاه حكومة إنقاذ وطني تحت ضغط أجنبي متعدد الأطراف وتكون في هذه الحكومة للأطراف الخاسرة في الإنتخابات موقع و للدستوريين نصيب الأسد و يكون على رأسها كمال مرجان كرئيس حكومة و يكون الباجي قايد السّبسي موقع رئيس الجمهوريّة. كل ما ذكر في هذا التّحقيق لا يعدو كونه ملخّصا لأهم أركان العمليّة و الأكيد أنه في حالة اتخذت الحكومة قرار المسائلة القانونية لهؤلاء ستكشف أبعاد أخرى في هذه القضيّة .
نهاية يجب الإشارة إلى أن مدى مشاركة سياسين أو إعلاميين أو أمنيين أو نقابيين في هذا المخطط له مستويات مختلفة و جانب منهم ليس له علم بالجانب الإجرامي من الإنقلاب
بقلم خليل الكلاعي
| |
|