[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]حُكم
على المجاهد "كمال السنانيري" بالسجن خمسة وعشرين عامًا مع الأشغال الشاقة
المؤبدة تخفيفًا بعد حكم سابق بالإعدام، بسبب الانضمام لجماعة الاخوان
المسلمين
وبعد مرور خمس سنوات خرج ليدخل مستشفى السجن، وفيها قا...بل
الأستاذ "سيد قطب"، الذي كان يعالج في نفس المستشفى، وفي هذا المكان طلب
"السنانيري" يد "أمينة" من أخيها "سيد"، وبعد عرض الأمر عليها وافقت على
هذه الخطبة التي ربما تمتد فترتها لتستمر عشرين عامًا، هي الفترة الباقية
لهذا الخطيب المجاهد حتى يخرج من محبسه الظالم، وتم العقد بعد ذلك، على
الرغم من بقاء العريس خلف الأسوار المظلمة، وكأن "أمينة" بذلك تعلمنا معاني
كثيرة؛ تعلمنا التضحية الفريدة، فقد كانت شابة ولم يفرض عليها أحد هذا
الاختيار، إنها عشرون عامًا، ليست عشرين يومًا أو حتى عشرين شهرًا!! وكأنها
كذلك تذكر أولئك المجاهدين المحبوسين عن نور الشمس بالأمل والثقة في وعد
الله واختياره،
وكان الزوج العطوف يكره لها غبنًا أو ظلمًا، فارسل
لها : "لقد طال الأمد، وأنا مشفِقٌ عليك من هذا العناء، وقد قلت لكِ في
بدء ارتباطنا قد يُفرَج عني غدًا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي
الأجل، ولا أرضَى أن أكون عقبةً في طريق سعادتك، ولكِ مطلَق الحرية في أن
تتخذي ما ترينه صالحًا في أمرِ مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقرُّ
رأيُك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير".، ووصل رد "أمينة" في رسالة تنبئ
عن كريم أصلها، جاء فيها: "لقد اخترت أملاً أرتقبه، طريق الجهاد والجنة،
والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون
تردد أو ندم".
ومرت السنوات الطويلة سبعة عشر عامًا، خرج الزوج
بعدها ليواصل مع "أمينة" الأمينة رحلة الوفاء والكفاح، ومرت سنوات قليلة
على هذا الزواج، وفي العام السادس قُبض على الأستاذ "كمال السنانيري"،
وأودع السجن مرةً أخرى، واستشهد على أيدي الطغاة الجبابرة،
وظلت "أمينة" تعيش على تلك الذكريات الجميلة، ذكريات الحب والوفاء والجهاد والإخلاص.
وكتبت في شعرها:
متساءلة بلوعة بعد فراقه:
هل تـــــــرانا نلتقـــــي أم أنهــــــــا كانت اللقيا على أرض السراب؟!
ثم ولَّت وتلاشــــــــــــى ظلُّهــــــــا واستحالت ذكــــــــــرياتٍ للعذاب
هكذا يســــــــــــــأل قلبي كلمـــــــا طالت الأيام من بعــــــــــد الغياب
فإذا طيفــــــك يرنــــــو باســـــــمًا وكأني في استماع للجـــــــــــواب
أولــــــم نمــــضِ على الدرب مـعًا كي يعــــود الخـير للأرض اليباب
فمضينا فـــــــــــي طريــــق شائك نتخلى فيـــــــــــه عن كل الرغاب
ودفنَّا الشــــــــــوق فـــــي أعماقنا ومضينا في رضــــــــاء واحتساب
قد تعاهـــــــــــدنا على الســير معًا ثم عاجلت مُجيبًا للذهــــــــــــــاب
حين نـــــــــــاداك ربٌّ منعـــــــــمٌ لحياة في جنـــــــــان ورحـــــــاب
ولقــــــــــــاء فـــي نعيــــم دائــــم بجنود الله مرحى بالصحــــــــــاب
قدَّموا الأرواح والعمـــــــر فـــــدا مستجيبين على غــير ارتيــــــــاب
فليعُد قلبك مـــــــن غفلاتـــــــــــه فلقاء الخلد في تلك الرحـــــــــــاب
أيها الراحل عذرًا في شكــــــــاتي فإلى طيفك أنَّات عتـــــــــــــــــاب
قد تركــــــت القلب يــــدمي مثقلاً تائهًا في الليل في عمق الضبــاب
وإذ أطـــــــــوي وحيدًا حائــــــرًا أقطع الدرب طويلاً في اكتئـــــاب
فإذ الليل خضـــــــــــمٌّ مـــــوحِشٌ تتلاقى فيه أمواج العـــــــــــــذاب
لم يعُــــــــد يبــق فـــــي ليلي سنًا قد توارت كـــــل أنــــوار الشهاب
غير أني سوف أمضي مثلمـــــــا كنت تلقـــاني في وجــــه الصعاب
سوف يمضي الرأس مرفوعًا فلا يرتضي ضعفًا بقـــول أو جــــواب
سوف تحذوني دماء عابقـــــــات قـــــــد أنارت كل فــــــجٍ للذهــــاب
ثم تناجي زوجها وتطلب منه الدعاء:
هلاَّ دعـــــــــوتَ الله لي كي ألتقي بركابكم في جنَّة الرضوان
هلاَّ دعوتم في سماء خلودكم عند المليك القـــــادر الرحمــــن
أن يجعل الهمَّ الثقيل بـــراءةً لي في الحساب فقـد بقيت أعاني
ثم تسأل اللهَ تعالى الثباتَ والمغفرةَ، وأن لا يطولَ عيشُها في دنيا الفناء،
فاغفر الأمنيـــات يا ربّ عفوًا وأعنِّي دومًا ببرد العــزاء
لا تَدعني للحـزن يطمس قلبي لا تَدعني أعيش دنيا الفناء
واجعل الحــبَّ للبقاء المرجَّى في نعيمٍ بعالمِ الأتقيـــــــاء
برضـــــــاءٍ أناله منك يا ربّ وأحيا في فيضه بالسمـــاء...